28‏/08‏/2009

قصة كون

في قاعة الحكمة الضالة بساقية الصاوي اختبر مساحة متر في متر ؛ عليه احتلالها؛ و ملئها بالصور.
نسقها بروح اسكندر الفاتح...... الروح الهادرة تشكل الأمور من حولها موج هي مركزه.
تتسع الدوائر و تتشابك و يبقى المركز بقوته واتزانه.
في منتصف مستعمرته وضع ملكة لقطاته جميعا. تدور حولها بقية الصور في قرص متحرك كقرص تليفون الثمانينيات.
و لناقصي البصيرة علق سهم مضىء في فراغ دائرته ينير طريق البصر للصورة الأم..................

* * * * * *
قبل أن ترقع الأسكندرية أحياء و هو يشقها وتشقيه....الترام....كان الكون خاليا إلا منه و الأسكندرية.

يقطعها شمالا ويمينا؛ تتلقاه بين طرفيها ككرة تنس حائرة.
تتذكر الأسكندرية يوم هبوطه عليها من السماء......صرخت ليطفىء أحدهم زر تشغيله حيث حركته المستمرة
تحقن بكل ارجائها صداع نابضا. العمال السماويون على لطفهم لم يستجيبوا؛
وضعوه بحنو وفور ملامسته ارضها اندفعوا راحلين حتى لا يفوتهم طعام العشاء.
و تركوا الأسكندرية لألمها الوحيد........

* * * * *
منذ انهك كلاهما و الترام لا يصل إلا لفكتوريا؛ و يرتد شائخا بطيئا يمازح صاحبته المتجددة

و ينثر حكاياتهم على الجانبين...........

* * * * *
اقامت فوق عمارة يونانية تطل على كلية الطب؛ تتابع تطور الأجساد المتدثرة بالبالطو الأبيض.

يلفت نظرها ما يزيد بينهم وحسب. تزداد النساء والجينز و أغطية الرأس والسجائر.
"هي" دائما وجود مؤنثا يسكن أعلى العمارة اليونانية. كانت أوكتافيا الحزينة زوجة أنطونيو؛
و سيرينا الطيبة أخت مارية القبطية. حاليا هي أودري هيبورن الخفيفة.
و على تنوعها تبقى دائما المرأة الصولو حيث الحلم المحتمل الوقوع و الواقع المرن القابل للتحليم.
تتابع كلية الطب و تنتظر قلب الترام ليعشقها............

* * * * *

لم تشرق الفرصة لأحد فيتأمل أسفل الترام عن كثب؛ لكن مع فرضية قلبه و المشاهدة ؛

سيذهلك الحفر المتقن لتماثيل القديسين الفزعى. يبدو دافيد المحفور ورعا.
سيطفو التسامح على مخيلتك عندما ترى إلى جواره مولد فينوس مزينا بالأوركيد النضر.
رجال الحفرية كرجال مايكل انجلو؛ لكن أقل خشونة و انفعالا. مكتوب أسفل لوحاتهم بخط كوفي أنيق ملحمتهم المندثرة.
تشكو الكلمات للجدارية النحاسية إلى جوارها قسوة السلطان و تحكمه و هرب صاحب اللوحات لقلب الترام .
سجن نفسه و استقر؛ وحتى لا يضيع العمر هباء كدسه بالرسم..............

* * * *


يوم هبط الترام اختبأت هي في ركن و اختبأ هو في أخر..........عمال سماويون هاربون من استمرارية العمل لشقائه.

بعد نزاعهم العقيم على الترام؛ عقدت الأسكندرية معهم صفقتها المسّكنة فلتعيش " هي" في الشمال وليعيش "هو" في الجنوب ؛
فيهدؤا جميعا...........
كانت في توق لاسترخاء و بهجة؛ ومن خبرتها السحابية.... لا أفضل من سباحة منعشة .

ملئت شمالها مياه و زبد و اسمته بحر...........
* * * *
فوق صفحة الترام تلتقي أودري هيبورن في فستانها الأسود الصباحي و مايكل أنجلو في زيه الملطخ بالألوان .

يتذكرون فضاء الأسكندرية الملىء وامتلائه الفارغ . يتحمس انجلو لكيليوباترا و تشجيعها للفن
و تدافع أودري عن زوجة انطونيو المخلصة . يتنكر انجلو من ملل النساء
و لا تجادله فهي إلى الآن لا تملك تفسيرا لانتقالها في ثلاثة اجساد و تفكيرها الملّح في التخلص من أودري.
تظهر هيامها بسلفادور دالي لتشاغبه و يخبرها أن خياله مريض ؛
ترفع حاجبها في مكر و تقول أن التقليدية هى مرض الفن الوحيد. يعيدهم وحدة المرض إلى الأسكندرية
وصداعها السابق و يتفقوا على الاختلاف التقليدي بين السماء و الأرض............

* * * *

فوق أعلى نقطة لمبنى طب أسنان أحاط جفنيه سورا على لقطة مركزة تحفر اعماقه؛

تصنع عالما صغيرا ثابتا على فورانه...... اللقطة في عينيه مكتملة ؛
هي الخط النصفي بين شروق وغروب أمامه ثانية واحدة فيها ظلام ناقص التمام و فجر باهت.
قبّل عدسته الرقمية لتلين و تنقل مشهده فأكرمته.....نقلت ثانيته النادرة
و ثبتت الترام على أودري هيبورن و مايكل أنجلو يلامسان كوؤس النبيذ..................

* * * *

في مستعمرته بأرض الحكمة الضالة و تحديدا تحت مساحته المنسقة بروح اسكندر الفاتح

وضعوا نجمة صغيرة تكريما لأفضل استخدام فوتوشوب في المسابقة............

19‏/08‏/2009

مش كان هيك تكون


رحلت كما يجب لحمقاء أن تفعل...........
على أن اكتب عن سخطي ؛ عن دوامتي؛ وعن البقايا التي تعلق بذاكرتي...
.لكنني لن افعل
و ساكتب أنني لا احلم و لا احب ..........
علي أن اكتب عن خوفي وعن غدي المغلق ويومي النصف مفتوح......
لكنني لن افعل
و ساكتب عن دقات سريعة وآخرى تموت .....ساكتب عن اهتزاز متواصل في يدي و في قلمي
على أن اكتب عن الاستقرار و عن الدراسة ؛عن الآمان .........و عنك....

عن الكاتب الأب و عن الانسان الكاتب
لكنني لن افعل
ساتحسس وجهي ؛ اغمض عيني وأراني بيدي
علي أن اكتب عن البيت وعن صلاة الفجر و الشروق

و الكريمة البيضاء التي تذوب في الفم دون أن ترهق أسنانك وتملىء كل ذرة في لسانك
لكنني لن افعل
و ساكتب عن ألم رقبتي و الصداع الذي لم يتركني حتى بعد الليزك
على ان اكتب عن ثبات البصر والدعاء للبصيرة و معاتبتهم على عدم جدوى الليزك مع البصيرة
لكنني لن افعل
و ساكتب عن حبات الرمل كم تبدو تامة الاستدارة ومتشابهه
على ان اكتب عن طبيبي وادعو له بالخير و ان امتن لابي وازيد حبي لامي
لكنني لن افعل
و ساكتب عن مكتب السفريات لليبيا في الشارع المجوار والذى اراه لاول مره

و عن العيادات المتنافره ما بين كل عياده وعياده عياده
على ان اكتب عن الموهبه والادب الطازج وعن الآخر البايت عن الموانىء و عدمها

عن البحر و الصخر و القلعه والوجه الحسن
لكنني لن افعل
و ساكتب عن الكرسي الذي ضرب كتفي؛ و الجلباب الاسود الذي انتهك خصوصيتي وقيمني ؛

عن الكلام الذي يفتحني؛ والكلام الذي افتح؛ عن الشعر الذي افهم؛

والآخر الذي احس ؛عن القصص التي اغرمت بها؛ والآخرى التى اغرمت بي
على أن اكتب عن الضوء القوي؛ و الالهام الاقوى

ان اكتب عن قتلة يتفجر ابداعهم على صوت ليلي مراد عن مرح الصوت الحزين وحزنه الطيب

و عن صوت فيروز الاوبرالي و عن الوجع الملازم لأغانيها
لكنني ساكتب عن اسرتها المستقره ؛وابنائها الاربع؛ و عن هدى حداد و ملامحها الارق

شهرتها الاكثر ليونة و صوتها الذائب في بريق فيروز ووهجه
كنت اريد ان اكتب واكتب لكنني لم افعل و رحلت كما يجب لحمقاء .........

01‏/08‏/2009

انت عمري



(1)
حنان بنت في ثانوي صنايع يمكنك بثقة أن تتنبأ أن عقلها لا يعمل إلا في وجود ذكور في الخلفية.

لذا لابد من الولد الصغير الذي يتبعها . الجدير بالذكر أن روحها حلوة فهي تتقبل بسرور معاكساته

التي تنقلب فيها الراء إلى ياء حمقاء..... القمر ( القمي ) ماشي لوحده ليه

....صاروخ ( صايوخ ) أرض ( ايض ) جو.... حرام ( حيام ) بالراحة (بالياحة ) علينا شوية .

لمبة صغيرة أضاءت في جمجمتها لتفكر أن المعاكسة تبدو جذابة جدا لو قالها من هو أكبر وبلسان كامل ،

وأن الصغير مضحك بشعره الأكرت لكنه موضة قديمة فلا أحد يربط قميص المدرسة حوله وسطه الآن ؛

وأنها ستنسى قصره ولدغته وتحكي بفخر عن أنها قمر وصاروخ.
وصلت حنان لإيمان الجالسة على الكورنيش تلعب بسلسلة مفاتيح تحمل اسمها.

أفزعت إيمان الصغير وهي تبعده. إيمان ضخمة فارهة. تستدير لحنان لتسألها عن سبب تأخيرها

لكن يبدو أن عقل حنان توقف ثانية ؛ فردت عليها ببطء مستفز عن أمها التي أوصلتها المدرسة

لتقدم بحث الحالة للأخصائية ويكفي ذكرها لتلتوي الشفة العليا لإيمان

( الأخصائية اللي كل ما تشوف وش أمك تقولك وسعي الجيبة سدي الفتحة)
بدلت حنان الطرحة البيضاء بأخرى صفراء لتناسب ( البدي ) الأخضر تحت بلوزة المدرسة

وكومتها في الحقيبة كتهمة يجب التخلص منها.

بدا لهم التاكسي برستيج ملائم لمقابلة غرامية مثالية؛

لكنه سينهي على ما معهما؛ وهو قليل بذاته؛ فتزاحموا على مشروع.


(2)
(السمك تأخر يا معلم.....أنا حأمشي) يصرخ إبراهيم بتأفف.... فيبقيه صديقه عادل بسيجارة.

هما بنتان لابد من ولدين. إيمان تهمة ستأكله حيا لو أخذ حنان ولم تجد من يمسك يدها،

سيلهيها إبراهيم لوقت كاف. لمحوا البنات على أول الطريق.

راق عادل تطاير الفتحة الجانبية لجيبة حنان

في الأفلام يتطاير شيء دائما من البطلة....شعرها ....منديلها؛

كما أن ساقها ظهرت من الفتحة فكر أنها رفيعة زيادة عن اللزوم وأسمر من وجهها الغارق في البودرة.


(3)
مع ظهور الأولاد تسارعت الأفكار في عقل حنان بسرعة لم تتحملها؛

فراحت تضحك في بله ....الحكاية ستضمن لها مكانة خاصة في المدرسة؛

ستصير من المخضرمات؛ وإيمان شاهد قوي في صالحها .

عادل طيب معها ؛ لكنها تريد منه عبارات أقوي كالتي تحكي عنها باقي البنات

وتقرأها في مذكراتهم الوردية

(أنت نور حياتي ....وحشتيني بحبك)

وأشياء من هذا القبيل؛ لكنها عذرته لأنها كما تفخر دوما أول بنت في حياته؛

كما أنه ذوق لا يجلس وهي واقفة ؛ وفي المقابلة السابقة ساعدها لتركب الحنطور.

أطاعها وجاء بكاب بنفس لون التي شرت..... كتمت شهقة كادت تفلت منها

عندما لاحظت القطع البسيط بجانب الكاب؛ أرادت أن تبعد عينها بعيدا وتتشاغل عنه

لكن القطع يناديها فأخبرته بعصبية أن يخيطه.

منع عادل غيظه وابتسم وهو يجز على أسنانه ؛

المقابلة في بدايتها وإبراهيم لن يكون هنا كل يوم.

لاحظ الاندماج التام والغير متوقع بين إبراهيم و إيمان ؛ فطلب من حنان أن تركز معه

و ألا تقف له على الواحدة لأنها هي الأخرى تبدو كمن نفث كيلو دقيق في وجهها.

لم تتحمل حنان جملته وهي الواقفة على قدمها من الصبح أمام المرآة

وأتت على نصف علبة بودرة كاملة بعشرة جنيهات وكل هذا لأجله وبالنهاية يعتبرها شوال دقيق.

جرت لإيمان شاكية باكية فأخذتها إيمان على مضض للحمام لتغسل دموعها

قبل أن تبلل الدقيق فيصبح عجين و يصير من الصعب إزالته.


(4)
لعن إبراهيم عادل على غبائه المحكم وطلب منه أن يجري ليشتري لها وردة

ويقف على باب الحمام ليعطيها لها فور خروجها .

وافق عادل وذهب للتنفيذ . بقي إبراهيم بمفرده مع حقائب البنات التي ظن أنها عامرة ؛

خاب ظنه فلم يجد ما يستحق سوى محمول في حقيبة إيمان وبعض جنيهات أخذها تخليص حق

للأحمق عادل الذي لابد أن يكون صرف دم قلبه مواصلات للهوانم.

أراد أن يفحص المحمول بتركيز؛ لكن عادل فاجأه فارتبك و أعاد المحمول لأقرب حقيبة قابلته؛

و لحظه الذي لا يُعلم إن كان حسن أم سيء وضعه في الحقيبة الغير مرجوة.....

حقيبة حنان التي لم تملك يوما محمول ؛ والتي أبدت رغبات متكررة أمام إيمان في امتلاك محمول

وخاصة كالذي تملكه إيمان. جاء عادل سريعا ليسأل إبراهيم أن يشتري ورد طبيعي أو صناعي

الأمر الذي لم يحتمله إبراهيم وكاد يهوى على وجهه ليريه لون الورد الطبيعي على خده

لكن البنات أنقذوه بقدومهم.


(5)
جلسوا معا وراح عادل يتودد لحنان في لزوجة و سذاجة أفقدت إيمان هدوئها المصطنع فهي لا تحتمل الليونة .

أرادت أن تمشي فتحت حقيبتها لترى كم الساعة في المحمول الذي لم تجده فجنت....

فتحت السكينة الصغيرة الملصقة في سلسلة مفاتيحها و وجهتا لأضعفهم والأقرب ليدها عادل

الذي أعطاها محموله لترن على تليفونها لعله سُرق منها أو وقع في المواصلات ....

وصدحت عبقرية عبد الوهاب أنت عمري من حقيبة حنان .

انهالت عليها إيمان بقاموس الشتائم المورد وغير المورد شاملا تاريخ عائلتها الكريمة

وموضحة علاقاتها الطيبة والوثيقة بأفاضل القوم عادل وإبراهيم وتعاونهم على الأخيار أمثال إيمان .

بدا إبراهيم مستمتعا بالمشهد ويمسك بإيمان لألا تضرب صديقتها وما كانت لتضربها لولا نصيحته الرشيدة .

ومع تجمع الناس لفصل القوات أنسل إبراهيم بهدوء الخبرة الذي يعرف

متى يشتد الاحتياج ومتى يصبح وجوده ثانويا.

تحققت أمنية حنان أن يعرف الجميع أنها فتاة مخضرمة فالأمر لم يقتصر على بنات المدرسة وحسب.