01‏/08‏/2009

انت عمري



(1)
حنان بنت في ثانوي صنايع يمكنك بثقة أن تتنبأ أن عقلها لا يعمل إلا في وجود ذكور في الخلفية.

لذا لابد من الولد الصغير الذي يتبعها . الجدير بالذكر أن روحها حلوة فهي تتقبل بسرور معاكساته

التي تنقلب فيها الراء إلى ياء حمقاء..... القمر ( القمي ) ماشي لوحده ليه

....صاروخ ( صايوخ ) أرض ( ايض ) جو.... حرام ( حيام ) بالراحة (بالياحة ) علينا شوية .

لمبة صغيرة أضاءت في جمجمتها لتفكر أن المعاكسة تبدو جذابة جدا لو قالها من هو أكبر وبلسان كامل ،

وأن الصغير مضحك بشعره الأكرت لكنه موضة قديمة فلا أحد يربط قميص المدرسة حوله وسطه الآن ؛

وأنها ستنسى قصره ولدغته وتحكي بفخر عن أنها قمر وصاروخ.
وصلت حنان لإيمان الجالسة على الكورنيش تلعب بسلسلة مفاتيح تحمل اسمها.

أفزعت إيمان الصغير وهي تبعده. إيمان ضخمة فارهة. تستدير لحنان لتسألها عن سبب تأخيرها

لكن يبدو أن عقل حنان توقف ثانية ؛ فردت عليها ببطء مستفز عن أمها التي أوصلتها المدرسة

لتقدم بحث الحالة للأخصائية ويكفي ذكرها لتلتوي الشفة العليا لإيمان

( الأخصائية اللي كل ما تشوف وش أمك تقولك وسعي الجيبة سدي الفتحة)
بدلت حنان الطرحة البيضاء بأخرى صفراء لتناسب ( البدي ) الأخضر تحت بلوزة المدرسة

وكومتها في الحقيبة كتهمة يجب التخلص منها.

بدا لهم التاكسي برستيج ملائم لمقابلة غرامية مثالية؛

لكنه سينهي على ما معهما؛ وهو قليل بذاته؛ فتزاحموا على مشروع.


(2)
(السمك تأخر يا معلم.....أنا حأمشي) يصرخ إبراهيم بتأفف.... فيبقيه صديقه عادل بسيجارة.

هما بنتان لابد من ولدين. إيمان تهمة ستأكله حيا لو أخذ حنان ولم تجد من يمسك يدها،

سيلهيها إبراهيم لوقت كاف. لمحوا البنات على أول الطريق.

راق عادل تطاير الفتحة الجانبية لجيبة حنان

في الأفلام يتطاير شيء دائما من البطلة....شعرها ....منديلها؛

كما أن ساقها ظهرت من الفتحة فكر أنها رفيعة زيادة عن اللزوم وأسمر من وجهها الغارق في البودرة.


(3)
مع ظهور الأولاد تسارعت الأفكار في عقل حنان بسرعة لم تتحملها؛

فراحت تضحك في بله ....الحكاية ستضمن لها مكانة خاصة في المدرسة؛

ستصير من المخضرمات؛ وإيمان شاهد قوي في صالحها .

عادل طيب معها ؛ لكنها تريد منه عبارات أقوي كالتي تحكي عنها باقي البنات

وتقرأها في مذكراتهم الوردية

(أنت نور حياتي ....وحشتيني بحبك)

وأشياء من هذا القبيل؛ لكنها عذرته لأنها كما تفخر دوما أول بنت في حياته؛

كما أنه ذوق لا يجلس وهي واقفة ؛ وفي المقابلة السابقة ساعدها لتركب الحنطور.

أطاعها وجاء بكاب بنفس لون التي شرت..... كتمت شهقة كادت تفلت منها

عندما لاحظت القطع البسيط بجانب الكاب؛ أرادت أن تبعد عينها بعيدا وتتشاغل عنه

لكن القطع يناديها فأخبرته بعصبية أن يخيطه.

منع عادل غيظه وابتسم وهو يجز على أسنانه ؛

المقابلة في بدايتها وإبراهيم لن يكون هنا كل يوم.

لاحظ الاندماج التام والغير متوقع بين إبراهيم و إيمان ؛ فطلب من حنان أن تركز معه

و ألا تقف له على الواحدة لأنها هي الأخرى تبدو كمن نفث كيلو دقيق في وجهها.

لم تتحمل حنان جملته وهي الواقفة على قدمها من الصبح أمام المرآة

وأتت على نصف علبة بودرة كاملة بعشرة جنيهات وكل هذا لأجله وبالنهاية يعتبرها شوال دقيق.

جرت لإيمان شاكية باكية فأخذتها إيمان على مضض للحمام لتغسل دموعها

قبل أن تبلل الدقيق فيصبح عجين و يصير من الصعب إزالته.


(4)
لعن إبراهيم عادل على غبائه المحكم وطلب منه أن يجري ليشتري لها وردة

ويقف على باب الحمام ليعطيها لها فور خروجها .

وافق عادل وذهب للتنفيذ . بقي إبراهيم بمفرده مع حقائب البنات التي ظن أنها عامرة ؛

خاب ظنه فلم يجد ما يستحق سوى محمول في حقيبة إيمان وبعض جنيهات أخذها تخليص حق

للأحمق عادل الذي لابد أن يكون صرف دم قلبه مواصلات للهوانم.

أراد أن يفحص المحمول بتركيز؛ لكن عادل فاجأه فارتبك و أعاد المحمول لأقرب حقيبة قابلته؛

و لحظه الذي لا يُعلم إن كان حسن أم سيء وضعه في الحقيبة الغير مرجوة.....

حقيبة حنان التي لم تملك يوما محمول ؛ والتي أبدت رغبات متكررة أمام إيمان في امتلاك محمول

وخاصة كالذي تملكه إيمان. جاء عادل سريعا ليسأل إبراهيم أن يشتري ورد طبيعي أو صناعي

الأمر الذي لم يحتمله إبراهيم وكاد يهوى على وجهه ليريه لون الورد الطبيعي على خده

لكن البنات أنقذوه بقدومهم.


(5)
جلسوا معا وراح عادل يتودد لحنان في لزوجة و سذاجة أفقدت إيمان هدوئها المصطنع فهي لا تحتمل الليونة .

أرادت أن تمشي فتحت حقيبتها لترى كم الساعة في المحمول الذي لم تجده فجنت....

فتحت السكينة الصغيرة الملصقة في سلسلة مفاتيحها و وجهتا لأضعفهم والأقرب ليدها عادل

الذي أعطاها محموله لترن على تليفونها لعله سُرق منها أو وقع في المواصلات ....

وصدحت عبقرية عبد الوهاب أنت عمري من حقيبة حنان .

انهالت عليها إيمان بقاموس الشتائم المورد وغير المورد شاملا تاريخ عائلتها الكريمة

وموضحة علاقاتها الطيبة والوثيقة بأفاضل القوم عادل وإبراهيم وتعاونهم على الأخيار أمثال إيمان .

بدا إبراهيم مستمتعا بالمشهد ويمسك بإيمان لألا تضرب صديقتها وما كانت لتضربها لولا نصيحته الرشيدة .

ومع تجمع الناس لفصل القوات أنسل إبراهيم بهدوء الخبرة الذي يعرف

متى يشتد الاحتياج ومتى يصبح وجوده ثانويا.

تحققت أمنية حنان أن يعرف الجميع أنها فتاة مخضرمة فالأمر لم يقتصر على بنات المدرسة وحسب.

هناك تعليق واحد:

Dr. Ibrahim يقول...

على فكرة دى أخرة اللى يمشى فى الحوارات دى..ومش الشارع بس...ويمكن مصر كلها..

وأهو كلام وخلاص:)

تحياتى على القصة الجميلة الأكثر من رائعة والتى صورت ببراعة شديدة واقع الكثير من فتيات المدارس الثانوية وليست الصناعية فقط...

تحياتى