18‏/07‏/2009

اقتراب



التسجيلة النادرة لصوت عبد الباسط تسحب الأرض من تحت قدمي
لأنهي الصحراوى في دقائق....
.اجدني اقف في الساحة الواسعة لمسجد محمد على بالقلعة
أو فوق التلة العالية بحديقة الأزهر.
هناك أراكي؛ القاهرة بأكملها في قبضتي
اتنفسها ترابها ...عوادمها.
أذوب بين مبانيها الملتصقة وشوارعها التي تضم و تعشش.
أذوب بين الأحرف التي تتمها أصوات عدة،
ينهي أحدهم الألف لينطق من يليه الحاء؛
وتعلو حي على الفلاح نابضة.
يتوه الفلاح بين الوجوه و يختلط بالهم والسرعة والبركة
يتفتت تحت العجلات التي لا تنتهي
مسرعة كانت أو مشلولة في اشارة
لا ترحم ولا تُرحم.
لم يزد عمري في فراغك المكدس على الساعات المعدودة؛
لكنك تضغطين على اعصابي بشدة.
أراكي حضن يضم وترس يطحن.
أراكي معلمة شديدة القسوة.....قسوة تجمدت على قلب الرفق.
في أزقتك يزداد نبضي و تعب رئتي هوائك
في شهيق لا يعقبه زفير لأخذ واخزن
حادة انت في كل شيء
تقفين على حافتى المقياس بثبات كفيل بموت غيرك
من يغطي جسده العاري بجرائدك القومية لا يعلم
أن مانشيتاتها الرئيسية عن الخطة الخمسية لصلاحه وتقدمه.
من يمر إلى جواره بعربة الطفل الفاخرة يقرأ أخبارها الاسبوعية بالأنجليزية
لأنه يعاني أنيميا العربي الحادة.....
وكلاهما جرائدك وكلاهما ابنائك.
ابحث بشدة عن تفسير علمي لانبهاري بك ...
.لم اقض طفولتي بين تروسك ..
.لم تضمي بيت جدي ..
.لم تحنو يدك على اصدقائي ....
.في خان الخليلى لا اشتر شيء ...
ولا انبهر بما يبعيون
فقط اسير وأرى ...
اذن لما انا مسحورة؟
كنت ساعتبر استخدام كلمة سحر مبالغة
لولا اقترانها بالقاهرة ......هى مجرد اللفظة الأكثر تشخيصا لحالي.
كان يجب أن تكون هذة المرأة
من كثيريين قبلها اصيبوا بسكتة دماغية وكثيريين بعدها سيصابوا
طبيبة مخ و أعصاب(( لتدرك)) بكل ما تحمل الكلمة من تفاصيل ودقائق ....
.تدرك كيف تعبر لفظيا لا معمليا عن ميكانزم عقولنا.
تتحدث كالمبشرين كالدعاة وهى تحكى عن نزيف الفص الأيسر من دماغها.
تتحدث عن نصفي دماغ ملكك بشخصيتين مختلفتين تماما.....
الأيسر يحددك يرسم خطوطك الذاتية
كوحدة منفصلة عن الكون
فرد متكرر الحدوث
يحتاج عشاء اليوم
ويفكر في تفاصيل غده المادية
مهنته... علمه... علاقاته... مديره... راتبه....
الملابس المحتم عليه غسلها ....
التقاط الخبز الواجب توافره.......
أما الأيمن يكسر الحدود ويحررك
ينتزعك من جسدك الضئيل لتتماهى مع الخلفية المحيطة
تذوب كطاقة منثورة
تقوى ما حولها وتتقوى بها
تدرك (( الآن)) ما يبدو عليه...
صورته.... طعمه... رائحته ...
يتغذى الأيمن بالطاقة الوافدة إليه من مستقبلاتك الحسية بالجملة
ببساطة لتعيش اللحظة التى أنت عليها وفيها ..
.وصفت حالتها كأن احدهم امسك ريموتها الخاص وضغط صامت للفص الأيسر
فتركها للأيمن جملة وتفصيلا
وعي الأيمن افقدها انحصارها في ذاتها
لتشاهد نفسها من أعلى
تتأمل حركتها وصوتها وتلقي عليها النكات الساخرة ..
.تتعجب كيف يمكنها أن تعصر الكم الهائل من الطاقة
التي تصلها وتحسها في هذا الجسد الضئيل
_على طوله بالنسبة لغيرها_
هى طاقة بعمر الكون مخزنة.... مراكمة
طاقة خير وشر حق وجمال عدل وظلم
طاقة انسان بعمر الأرض التى يمشي عليها .
.مكثفة عميقة افترض أنها تمتلك
Threshold
اعلى كثيرا من غيرها
تحتاج مننا
Silent
اصطناعي للنصف الايسر وترك العنان للأيمن....
.افترض أيضا أننى فى القاهرة ينشط الأيمن بقوة
لا أفكر في وقت الرحيل ولا كيفيته ...
.لا أفكر في برودتها الحارقة ليلا في الشتاء
ولا في جوها الخانق نهارا في الصيف
فقط أذوب .......
لتصم أذني آهاتهم و ضحكاتهم هؤلاء الذين ضمتهم صحرائها منذ فرجها النيل قليلا
لا أرى وجه من يمر أمامي فقط لكننى اراه يجر خلفه سلسلة كامله
بها كل من شاركه نفس مشاعره اللحظية على اختلاف الزمن والظروف.
عقدة حاجبه التي بمليون حدوتة و ظرف
أبسطها العشر دقائق تأخير على الامضاء
تناسخت في خيالات من تلوه
صاحب الطربوش للأنجليزى الواقف على أول حارته
وذو الشعر الكثيف لفراق حبيبته
و ذات البونيه الأخضر بالاطار لتعنت الشركات وطلبهم لسكرتيرات غير محجبات
فقط عقدة الحاجبيين لا تتغير
في نيلك اطبع صورتك المموجة
و انعكاسك المضىء الأكثر شفافية وصدق...أخزنها و اغلق عيني.

هناك 9 تعليقات:

ahmed_k يقول...

ينهي أحدهم الألف لينطق من يليه الحاء؛
ههههههه جديده دي
بتبهريني دايما يا أسماء بتعبيراتك وإستعاراتك لوصف الحدث والمكان والزمان
القاهره مدينة العجائب فيا من كل لون بستله(جردل) وربما بستلات(جرادل)
وفيها الليل الجميل والليل البهيم المرعب
فيها النهارالمرهق من زحامها وإشاراتها والنهار الممتع على ضفاف نيلها وبين أغصانها
الخلاصه القاهره مدينة المدائن لا يمكن لمصري أن يعد مصريا لو لم يذوب فيها بحواريها وشوارعها حرها وبردها
متعتها وخنقتها لذلك نطلق عليها مجازا إسم مصر ففيها مصر بكل ما تحويه من مميزات وعيوب

وتقبلي خالص تحياتي

نعكشة يقول...

لو أن القاهرة امرأة لوقفت مشدهة كما هي أنا الآن بوصفك إياها بما وصفتي
ليتها كانت امرأة
..............
عندي سؤال رخم

كيف بتستنكري الناس اللي بيستخدموا الزنجليعي حتى في الجرايد رغم انهم ولاد البلد دية
وبعديها بسطرين تستخدمي الزنجليي في ننص مقالة مكتوبة بالعربي بطريقة مشوقة و صراحة لا أجد لتلك الكلمات قيمة .. لو انك استخدمتي بدلاً منها عربي لكان افضل

دة رأيي المعوق البسيط لكِ أن تأخذي به و لكِ أن تلقيه في أقرب سله مهملات فأنا لست ناقدة أصلاً

الحق يقال
لقد سرحت بخيالي و سهمت و اندهشت و انبسطت و انشرحت جوة المقال
و توهت شوية

بس

سلمت يداكِ

سلام عليكِ

كلام وخلاص يقول...

احمد ذكي الدين:
اخبارك ايه يا احمد؟؟
كلامك عن القاهرة صح جدا وعجبنى جدا
متابعتك شيء يسعدني باستمرار
وربنا يكرمك على كلامك الجميل

كلام وخلاص يقول...

نعكشة::
الاول صباح الفل وانا سعيدة جدا بقرايتك ومتابعتك ليا
المكان ابقى واشمل من الانسان...الانسان بيموت والمكان بيحفظ اثره ....
:
:
بالنسبة للسؤال هو مش رخم ولا حاجة دى نقطة مهمة جدا
بخلاف ان الافراد اللى اقصدهم بيرمزوا لمستوى اجتماعي معين انا لا اندرج تحته ولتحيا الطبقة المتوسطة....فاحنا دايما بنقع فى حيرة لما نستخدام اللفظة لرسم الحالة العامة للنص عشان توصل_من وجهة نظر الكاتب_ كما هى في دماغه باحاسيسها ودلالاتها لدماغ المتلقي
الحيرة هى يا ترى اكتبها زى ما بنقولها وزى ما جت على دماغك اول ما فكرت ولا تدور على بديلها
فيه كلمات بالاقى زى ((موبايل=محمول)) وهكذا وفيه لاء
مثلا هنا ببساطة ممكن ابدل
silent
بصامت و برضه حتوصل المعنى
لكن
threshold
مش عارفه لها بديل صراحة مش مجرد ترجمة حرفيه قد ماهو معني عام للكلمة
وبرضه ممكن تعتبريها لعنة كلية الطب
:
:
شكرا بجد على متابعتك الجميلة
ومنورة

نعكشة يقول...

رغم فشلي الفزيع في اللغة العربية
بس اكيد فيه كلمة تحمل معنى threshold

في اللغة العربية

من حق حضرتك دة مقالك و دة كلامك بس اصل الاتنين جم ورا بعض

وانا عمري ما اعترضت على حد بيدخل اي كلام في النص


ولكن اعتراضي هوه على التناقض اللي حصل فجأة

أتفق معكِ في تلك اللعنة ولكن شيء جة على بالي و خلاص

وليكن
سلام عليكِ

نعكشة يقول...

اة صحيح بالنسبة للمكان فكرتيني بقصة ذاكرة الجسد لما الراجل جة يرسم البنت رسمها على هيئة جسور قسنطينة

تمنيت ان تدب في القاهرة الحياة كي تقرأ وصفك إياها
و اتفق معكِ في مرور الناس و بقاء المكان

سلام

هبة خميس يقول...

اسماء
تعرفي انا مكنتش اتوقع اني اكون بحب القاهرة بس في اخر مرة زرتها من قريب
رغم حرارة الجو بس اول ما سيتها اشتاقتلها قوي
استغربت نفسي جدا
بوست جميل حطني جواها باحاسيسك الجميلة
تحياتي

كلام وخلاص يقول...

نعكشة
من غير حضرتي ولا حاجة انا باتقبل جدا اى رأى خصوصا لما احس انى اللى بيقرا مركز وواخد باله
:
:
جميلة فكرة الراجل ...يا ترى مكانيا انا حاترسم ازاى اتمنى بيت قديم ببلكونة طويلة وشيش اخضر بهتان وسور مفرغ بحديد مرسوم على هيئة حلزون ....شبه البيوت اللى باعدى عليها وانا رايحة الكلية
:
:
بجد جميلة

كلام وخلاص يقول...

هبه
ازيك يا قمر
منورانى بزيارتك
احنا كده يا هبه احيانا بنضطر نبعد عن الصورة عشان نشوفها اوضح
:
:
شكرا على الكلام الحلو وده رأي انا اعتز بيه