
التسجيلة النادرة لصوت عبد الباسط تسحب الأرض من تحت قدمي
لأنهي الصحراوى في دقائق....
.اجدني اقف في الساحة الواسعة لمسجد محمد على بالقلعة
أو فوق التلة العالية بحديقة الأزهر.
هناك أراكي؛ القاهرة بأكملها في قبضتي
اتنفسها ترابها ...عوادمها.
أذوب بين مبانيها الملتصقة وشوارعها التي تضم و تعشش.
أذوب بين الأحرف التي تتمها أصوات عدة،
ينهي أحدهم الألف لينطق من يليه الحاء؛
وتعلو حي على الفلاح نابضة.
يتوه الفلاح بين الوجوه و يختلط بالهم والسرعة والبركة
يتفتت تحت العجلات التي لا تنتهي
مسرعة كانت أو مشلولة في اشارة
لا ترحم ولا تُرحم.
لم يزد عمري في فراغك المكدس على الساعات المعدودة؛
لكنك تضغطين على اعصابي بشدة.
أراكي حضن يضم وترس يطحن.
أراكي معلمة شديدة القسوة.....قسوة تجمدت على قلب الرفق.
في أزقتك يزداد نبضي و تعب رئتي هوائك
في شهيق لا يعقبه زفير لأخذ واخزن
حادة انت في كل شيء
تقفين على حافتى المقياس بثبات كفيل بموت غيرك
من يغطي جسده العاري بجرائدك القومية لا يعلم
أن مانشيتاتها الرئيسية عن الخطة الخمسية لصلاحه وتقدمه.
من يمر إلى جواره بعربة الطفل الفاخرة يقرأ أخبارها الاسبوعية بالأنجليزية
لأنه يعاني أنيميا العربي الحادة.....
وكلاهما جرائدك وكلاهما ابنائك.
ابحث بشدة عن تفسير علمي لانبهاري بك ...
.لم اقض طفولتي بين تروسك ..
.لم تضمي بيت جدي ..
.لم تحنو يدك على اصدقائي ....
.في خان الخليلى لا اشتر شيء ...
ولا انبهر بما يبعيون
فقط اسير وأرى ...
اذن لما انا مسحورة؟
كنت ساعتبر استخدام كلمة سحر مبالغة
لولا اقترانها بالقاهرة ......هى مجرد اللفظة الأكثر تشخيصا لحالي.
كان يجب أن تكون هذة المرأة
من كثيريين قبلها اصيبوا بسكتة دماغية وكثيريين بعدها سيصابوا
طبيبة مخ و أعصاب(( لتدرك)) بكل ما تحمل الكلمة من تفاصيل ودقائق ....
.تدرك كيف تعبر لفظيا لا معمليا عن ميكانزم عقولنا.
تتحدث كالمبشرين كالدعاة وهى تحكى عن نزيف الفص الأيسر من دماغها.
تتحدث عن نصفي دماغ ملكك بشخصيتين مختلفتين تماما.....
الأيسر يحددك يرسم خطوطك الذاتية
كوحدة منفصلة عن الكون
فرد متكرر الحدوث
يحتاج عشاء اليوم
ويفكر في تفاصيل غده المادية
مهنته... علمه... علاقاته... مديره... راتبه....
الملابس المحتم عليه غسلها ....
التقاط الخبز الواجب توافره.......
أما الأيمن يكسر الحدود ويحررك
ينتزعك من جسدك الضئيل لتتماهى مع الخلفية المحيطة
تذوب كطاقة منثورة
تقوى ما حولها وتتقوى بها
تدرك (( الآن)) ما يبدو عليه...
صورته.... طعمه... رائحته ...
يتغذى الأيمن بالطاقة الوافدة إليه من مستقبلاتك الحسية بالجملة
ببساطة لتعيش اللحظة التى أنت عليها وفيها ..
.وصفت حالتها كأن احدهم امسك ريموتها الخاص وضغط صامت للفص الأيسر
فتركها للأيمن جملة وتفصيلا
وعي الأيمن افقدها انحصارها في ذاتها
لتشاهد نفسها من أعلى
تتأمل حركتها وصوتها وتلقي عليها النكات الساخرة ..
.تتعجب كيف يمكنها أن تعصر الكم الهائل من الطاقة
التي تصلها وتحسها في هذا الجسد الضئيل
_على طوله بالنسبة لغيرها_
هى طاقة بعمر الكون مخزنة.... مراكمة
طاقة خير وشر حق وجمال عدل وظلم
طاقة انسان بعمر الأرض التى يمشي عليها .
.مكثفة عميقة افترض أنها تمتلك
Threshold
اعلى كثيرا من غيرها
تحتاج مننا
Silent
اصطناعي للنصف الايسر وترك العنان للأيمن....
.افترض أيضا أننى فى القاهرة ينشط الأيمن بقوة
لا أفكر في وقت الرحيل ولا كيفيته ...
.لا أفكر في برودتها الحارقة ليلا في الشتاء
ولا في جوها الخانق نهارا في الصيف
فقط أذوب .......
لتصم أذني آهاتهم و ضحكاتهم هؤلاء الذين ضمتهم صحرائها منذ فرجها النيل قليلا
لا أرى وجه من يمر أمامي فقط لكننى اراه يجر خلفه سلسلة كامله
بها كل من شاركه نفس مشاعره اللحظية على اختلاف الزمن والظروف.
عقدة حاجبه التي بمليون حدوتة و ظرف
أبسطها العشر دقائق تأخير على الامضاء
تناسخت في خيالات من تلوه
صاحب الطربوش للأنجليزى الواقف على أول حارته
وذو الشعر الكثيف لفراق حبيبته
و ذات البونيه الأخضر بالاطار لتعنت الشركات وطلبهم لسكرتيرات غير محجبات
فقط عقدة الحاجبيين لا تتغير
في نيلك اطبع صورتك المموجة
و انعكاسك المضىء الأكثر شفافية وصدق...أخزنها و اغلق عيني.