10‏/10‏/2008

عن الآن وما كان



ظل يبحث في حواري كرموز المتشابهة المرصوفة بالكوبلت من أيام الأنجليز عن نصبة المراجيح المضيئة .في العيد _كما يتذكر_ كانت تنير حارة خالته بأكملها فذلك موسمها تعد له من السنة للسنة .
لم يجد لا النصبة ولا الساحة الواسعة أمام الحارة والتي طالما لعب بها الكرة.كانت تطل على الترام مباشرة اصبحت كلها عمارات متقاربة يسلم سكانها على بعضهم باليد من شرفاتها .
دله على البيت رقمه الذي ظل يتذكره طوال الطريق والمسجد القديم الي جواره..
لم يأت الي هنا منذ زمن ......البيت كما هو , ثلاث طوابق ؛أولهم يبعد عن الأرض مترين سدوا شرفاته بقضبان حديد ؛لم يعد آمن كما كان يوم بنائه .
تسكن خالته الطابق الثاني ؛تفاجأت عندما رأته قبلت جبينه ونادته بابني كما اعتادت منذ صغره .تنسم رائحة خَبز كعكة تدفء الشقة .جلس في ركن صغير به صالونها ذو الطراز القديم .
مازال متين واكتسب جماله من عمره ؛على الرغم من ضيق الركن إلا أن كل قطعة في مكانها تماما .
غابت فى المطبخ قليلا .امتزج صوت اعدادها لصينية القهوة بدعاء الشيخ حسان القادم من قناة الرحمة "ولى شهر رمضان ببركاته ورحماته فاللهم بلغنا رمضانات عديدة" خيرته أن تحضر له مياه غازية مع الكعك لكنه فضل قهوتها .....يعلم أنها تعشق إعدادها على السبرتاية الصغيرة .
شعر براحة وألفة في وجودها دائما يعتاد بيتها بسهولة لم يشعر ابدا أنه ضيف به؛ على الرغم أنه وسع دفء الدنيا كله لم يكن هو ذاته بالواسع "ده كله اوضه كبيرة قسمتها صح" كانت تحكي بفخر "زمان أما كان يجي ضيوف أو عريس لبنت من البنات الستارة البيضا التقيلة تتمد من مكان نومهم للمطبخ والحمام ...كان فيه غيرها بيذاكر يحتاج يشرب أو يدخل الحمام ".
ظل يلتهم تفاصيل البيت بعينيه .......المصحف الكبير المفتوح على سورة يس......... اخبرته أنها كانت ترفض تماما دخول الوصلة بيتها " لما كنت عند ابنى الكبير فى مصر البنات دخلّوها من ورايا "كانوا يعلمون أنها ستحب قناة الرحمة والمجد ومازالت تعرف الأخبار من نشرة التاسعة ؛لم تجذبها الجزيرة ......لا تحتاجها لتعلم أن الأمور قد ساءت.
أعطته قهوته بمودة ؛كان حوارهم يبرد كلما تحدثوا عن الآن ويزداد دفء وحرارة كلما تذكروا ما كان ؛ترحموا كثيرا على والديه .استرعاه غياب صورة جده .علم أن ابنها بروزها ووضعها في حجرتها ببيته فى مصر"كان عنده أمل افضل عشانها هناك"لم يعرف أنها تحتفظ بآخرى صغيرة لم تريها لأحد من قبل "اخدناها له في مرضه الأخير......... أخر مرة كان يلبس عمامته ويكتب في دفتره ........كان أشهر مأذون في بر رشيد .........البلد يومها وقفت على رجل لازم الشيخ يحضر ويكتب بايده كتابهم .....سندناه لهناك عشان يبقى فى وسط أهله كأنه بيشهدهم على اخلاصه لأخر نفس" احتضن الصورة بيديه ......علامات المرض بادية عليه لكن وقاره ونوره ظلا فى جبهته لطالما اعتقد أنه اشبه خلق الله بالشيخ الشعراوى .
لم ينس الصيف الوحيد الذي قضاه بداره . يومه يبدأ كما أراد الله لعباده؛صلاة الفجر يأٌم فيها البلد .....يجلس ليقرأ على البحر لطلوع الشمس ........شربة العدس إفطاره الذي لا يستبدله ..........مكتبته الكبيرة التي مازال نادما أنه لم يقرأ بها الكثير ويحاول إلي الآن تجميع مثلها .حضر له خطب كثيره وشهده وهو يعقد قرانات عدة وشعر بالزهو من استقبال الناس له فهو حفيد الامام.يوم جاءه خطاب تعيينه ناظر لأحد المعاهد الأزهرية -فمعه شهادة العالمية - رفض أن يترك بلده. بعد عنها كثيرا مابين دمنهور والعامرية وكوم حمادة وبالنهاية أراد أن يبقى ببلده ليدفن بها فترابها سيكون رحيما عليه .
سألته خالته عن اولاده أخبرها أن كبيره في نهائي هندسة ....دعت له أن يوفقه الله ليتم تعليمهم جميعا "اتنقل جدك فى مرة للعامرية وهناك كان فيه دكتور واحد ومدرس واحد وهو برضه الامام الوحيد .........كنت لسه مخلصة اعدادى...........كان عاوز يدخلنى ثانوى معلمات في أسكندرية البلد" دائما ماكان يستشير والده فى كل خطوة يقوم بها فأرسل له خطاب "لما وصل الرد نادانى ياغالية _دايما كان بيقول لى يا غالية_ اقرءى كلام جدك الجملة اللى فاكراها-كيف تقف على منبرك تخطب الناس وابنتك هناك بعيدا عن عينيك " صدق الامام على كلام ابيه وما أكد رفضه قصته التي حكى فيها عن المعلم والمعلمة وهما يتناجيان في المدرسة حسبما ذكرت روايته .ضحك من التناجي الذي اوقف تعليم خالته وفكر أن مايحدث فى المدارس والجامعات الآن يوقف تعليم البنين أيضا فى عٌرف جده. أوقفها ضحكه لـتأكد له أنها لم تنس القرأة والكتابة فوالدها خاف عليها نسيانهم ودخل معها مسابقة من يحفظ القرآن أفضل ووعدها في كل مرة لا تخطىء في التسميع تأخذ ريال ولك أن تتصور قيمته وقتها .كان يتعمد أن يخطىء لتفوز بحفظ القرأن فى شهرين وبالريال .كانت تجلس أمامه يملي عليها خطبه ورسائله .......يقدّر باهتمام مقترحاتها للخطب القادمة ......خصها بمجلاته العلمية التي يستحضرها من القاهرة .تبرعت بها بعد وفاته للمسجد ليترحم عليه من يقرأها.بعد أن دخل أبناؤها المدارس كانت تكتب لهم موضوعات الأنشاء .كانت تتحدث بحب وبمرح عن اقرب حفيد لقلبها "هو كمان قد ابنك في نهائي هندسة بس فى جامعة القاهرة"لم يقضي هذا الصيف معها كما اعتاد .استطاع أن يحصل على تأشيرة سفر للندن "عرف يجيبها ويجيب شغل هناك فى الصيف ده ورانا على النت المكان اللى حيقعد فيه "لم تصدق أنه سيعمل بحق لكنه عاد بلاب توب ومصاريف السنة القادمة واعجاب عميق بالمعمار الإسلامي للمساجد والمراكز الإسلامية هناك. لم يتعجب من خالته عندما قالت لاب توب لم يكن ليتعجب لو علم أنها تستخدمه ايضا.
نظر في ساعته كان يعلم أن الوقت تأخر ولديه عمل فى السابعة صباح الغد.أستأذنها وشد على يدها ووعد بتكرار الزيارة .سجل رقم بيتها على موبايله وعلّم حارتها بالسيبر والسنترال على ناصيتها وتمنى أن يكرر الزيارة قبل أن يختفوا كما حدث مع نصبة المراجيح

هناك 5 تعليقات:

☼♫♪ عمــاد الدين يــوسف ☼♫♪ يقول...

بجد اسلوب خلاب دون مجامله ، تفصيل دقيق لبيئة القصه وتفاصيل ادق لتخيلا وذكريات اشخاصها
تحفه بي عايزه تركزي شويه متهيألي
لانك قد تسرحي بخيالك في سرد الاحداث الاعتراضيه مما يفقد القارئ وصلته بما قبلها
تحياتي ودمتي مبدعه

mohamed ghalia يقول...

بجد كلمات رائعة ووصف للحارة وللبيت رائع
ربنا يزيدك
تقبلى تحياتى وإعجابى

محمد حلمي مخلوف يقول...

اسماء
اولا انا سعيد انك خرجتي من الذاتيه اللي كانت مسيطره عليكي
ثانيا انا حزين للاسلوب اللي اتكبت بيه القصه اعتقد انك تملكين ادوات افضل من هذا بكثير اولا الكانات الكثيرة المتناثرة في النص تشوهه...التطويل والمط سواء في القصه او في اللغه...الفكره نفسها-وانتي طبعا حره في افكارك-ولكني اشم فيها معادة للحداثة والتطوير اشم فيها ما قرأته في احدي الروايات اسمها تل الفواخير-كاتبها اسيوطي اسمه مصطفي البلكي-عندما قال الجد فيما معناه اقلق عندما اري ثلاجة تدخل القرية
دومتي بخير ودام قلمك
اتمني انك تقبلي نقدي
سلااااااااااااام

ahmed_k يقول...

جميله القصه يا أسماء
ولكني تسائلت خلالها
أين كان هذا الرجل مختفيا مقاطعا لخالته طوال تلك السنون
وما الذي حل بالناس لكي يتباعدوا لهذا الحد
وهو خارج يتمنى أن يكرر الزياره قبل أن يختفي السايبر ومركز الإتصالات
ما دامت تلك نيته فلن يعود
بس عجبتني القصه

بجد جميله إستمري والقادم أجمل

بس بلاش 1+1 =22هههههههه

تحياتي

غير معرف يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.