18‏/07‏/2010

بالأمس

أتصور أنني في زحمة الأشياء انسى شغفي الأول الذي دفعنى منذ البدء للتغير و سككه المتداخلة
تذكرت الأمر بالأمس في زفاف قريب لي و أنا جالسة في ذات القاعة
التي تزوج بها معظم أقربائي بطقوس مماثلة و وجوه متكررة
لم يبقى أحد على حاله على مدار حفلات الزفاف التي قضيناها هناك
و مع ذلك بقيت الطقوس واحدة و الروح الباردة التي تسيطر على تجمعات مماثلة
و التفرقات التلقيائية التي يتوزع عندها الحضور
ليتمكنوا من حوارات جانبية يمر بها الوقت
حسنا على نقاط عدة صارت الليلة......
أولها محاولة تصنيف الفرح على أنه عائلي ليس متكلف
بخلاف أن القاعة صغيرة فالحضور دوما غير عائلي بالمرة
لو حسبنا مثلا عدد الوجوه الحاضرة من عائلة العريس و التي لم يراها من قبل في حياته
و لن يراها مجددا سيذهله الأمر حقا
حضورهم مجاملة لحضور والدته أفراح قديمة ماضية تزوج أبناء نتاجها و مازلوا يدفعون ديونها إلى الآن
عائلتنا أصغر من أن تملىء قاعة بهذا الحجم لكنها مكدسة بالقادمين لرد الدين
لذلك هم لا يفعلون شيئا سوى السلام على أم العريس باليد ليضعوا فيها دينهم و ينتهى الأمر
و يقضون بقية السهرة متفرجين محترفين على الفتيات و الأبناء الصغار و الذهب في يد الجميع
الأمر الأخر أنه فيما مضي كان هناك دي جى _نظريا_ مجرد أحدهم خلف كمبيوتر يضع أغاني بالتتابع
لا يتدخل بالصوت أو يحاول مع العريس و أصدقائه فقط يتركهم يفعلون ما يحلوا لهم
و لأن بأمر كهذا لم تكن العروسة تترك مقعدها كانت الصديقات و الأخوات يشفقن عليها
فيأخذنها في ركن قصى أخر القاعة يصنعن حولها دائرة و يصفقن فقط
خوفا من العيون الخلفية التي تراقب و التي من المحتمل أن تكون حماة المستقبل أو دالة عليها على أقل تقدير
لم يكن يشغلهم وقتها نوعية الأغاني المقدمة يكفي أن تكون ذات ريتم راقص
و واحدة هادئة ليرقص العروسان و يصورهم الفيديو
الآن الأمر صار عديم الملامح لا يوصف "شعبي" و لا "إسلامي" و لا حتى "معتاد" كما كان حالهم
لي صديقة أخوان مقتنعة بفكرة الفرح "الإسلامي" كانت سعيدة بخطبتها لأنها بالمسجد و على الأناشيد
هم لا يصنعون أفراح مماثلة فقط الفرقة تبدأ بالقرآن و يرقص العريس و أصدقائه على أغاني ريتمها راقص
لكنها تتحدث عن مدى التفاهم بين العروسين
و عن أنهم سينجبون "فاطمة " و "بلال" و أن الرحمن جمعهم بالخير
و بقيت العروس جالسة حتى أشفقت عليها الصديقات ......
الجلوس معظهم نساء طالقين أطفالهم نحو الكوشة يجلسون مكان العريس إذا تركه
أو مكان العروسة إذا تركته الرجال خارجا يتحدثون كما يتحدثون في أى مكان أخر
العريس و أصدقائه فقط هم من يفعلون شيئا مغايرا في يومهم يرقصون حد الأنهاك
و يحملون صديقهم بروح حقيقة
في أجواء مماثلة لا يبدوا غيرهم متسقا مع الروح التي يفترض أن يشيعها الفرح ...
.بهجة ما تعبر وجوههم بشكل حصري لا يشاركهم فيها باقي الجلوس
أخيرا ...اترك نساء في الثلاثينيات و ما فوق في قاعة مغلقة و ا س ت م ت ع.......
من تهاجم ستهاجم و من ستلقي بجمل معبرة ذات دلالة ضمنية ستلقي
ستنغز بالكلمة و النظرة و التسليم
سيضحكن في الوجوه و يراقبهم بحذر و تحفز
المنقبة منهن ستجد لشغفها متسع أكبر لتتابع بحرية
ستقوم المقارنات بين ما لديهم من أبناء و ملابس و ازواج أبناء و زوجات بنات و ملابس
و بطون الزوجات المنتفخة التي كانوا في أفراحهم منذ شهور
و الآخرى التي لم تنتفخ بعد و لماذا و الأيدي المدبلة و التي لم تدبل بعد و لماذا
الصورة العامة واحدة و اللقطة التي أخذتها أمس أخذتها مثلها قبلا كثيرا
و سأخذ بعدها أكثر ففي الجدول هناك 3 حفلات مماثلة قادمة في هذا الصيف وحده
كل من بها سيتغر عن نفسه و بطريقته لكنهم سيجتمعون بنفس الطريقة و بذات الروح
الأمر الذي دفعنى أن اتذكر السبب الأول الذي جعلني أترك بيتنا
و أسافر لأكون بينهم و هو أنني مسرورة للعريس و مسرورة أكثر لوالدته التي أحبها حقا


هناك تعليقان (2):

محمود محمد حسن يقول...

جميلة الكتابة دي ، انا اعشقها فعلاً ، المدونات كمان جميلة ، الفيس بوك فيه شيء مفتقد ، الكتابة هنا بحس إنها اكثر قدرة على البوح ، واكثر حرية ..

تحياتي للرائعة اسماء الشيخ كاتبتي المفضلة
:)

admelmasry يقول...

اوووباااااااااااا
ليكي طريقة ساحرة في وصف وسرد التفاصيل مالهاس حل وماحدش يقدر يقاومها
.
.
عجبني ان عينك ما سابتش اي تفصيلة وكانك اوتيتي خبرات السابقين والاحقين اللي هتمكنك من قراءة العيون والافكار
.
.
بجد تسلم ايدك بوست عجبني جدا
تحياتي والسلام